الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير **
قال ابن إسحاق فلما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن أسيد ابن جارية الثقفي وكان ممن حبس بمكة فلما قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن الحرث بن زهرة والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبعثا رجلاً من بني عامر ابن لؤلي ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكتاب الأزهر والأخنس فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " يا أبا البصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصلح لنا في ديننا الغدر وغن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً فانطلق إلى قومك " قال يا رسول الله أتردني إلى المشركين يفتنوني في ديني قال " يا أبا بصير انطلق فإن الله سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً فانطلق معهما " حتى إذا كان بذي الحليفة جلس إلى جدار وجلس معه صاحباه فقال أبو بصير أصارم سيفك هذا يا أخا بن عامر فقال نعم انظر إليه إن شئت فاستله أبو بصير ثم علاه حتى قتله وخرج المولى سريعاً حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس في المسجد فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طالعاً قال " إن هذا الرجل قد رأى فزعاً " فلما انتهى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال " ويحك مالك " قال قتل صاحبكم صاحبي فوالله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحاً السيف حتى وقف على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يا رسول الله وفت ذمتك وأدى الله عنك بيد القوم وقد امتنعت بديني أن أفتن فيه أو يعبث بي قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " ويلمه محش حرب لو كان معه رجال ". ثم خرج أبو بصير حتى نزل العيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قريش التي كان يأخذون إلى الشام وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبي بصير " يول أمه محش حرب لو كان معه رجال " فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص فاجتمع إليه قريب من سبعين رجلاً فكانوا قد ضيقوا على قريش لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه ولا تمر بهم عير إلا اقتطعوها حتى كتبت قريش إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تسأله بأرحامها إلا آواهم فلا حاجة لهم بهم فآواهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقدموا عليه المدينة.وذكر ابن عقبة هذا الخبر أطول من هذا وسمي الرجل الذي بعثته قريش في طلب أبي بصير جحيش بن جابر من بني منقذ. قال وكان ذا جلد ورأى في أنفس المشركين وجعل لهما الأخنس في طلب أبي بصير جعلا فقدما على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدفع أبا بصير إليهما فخرجا به حتى إذا كانا بذي الحليفة سل جحيش سيفه ثم هزه فقال لأضربن بسيفي هذا في الأوس والخزرج يوماً إلى الليل. وذكر نحو ما تقدم وفيه فجاء أبو بصير بسلبه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال خمسة يا رسول الله قال " إني إذا خمسته لم أف بالذي عاهدتهم عليه ولكن شأنك بسلب صاحبك واذهب حيث شئت فخرج أبو بصير معه خمسة نفر كانوا قدموا معه مسلمين من مكة حتى إذا كانوا بين العيص وذي المروة من أرض جهينة وانفلت أبو جندل بن سهيل في سبعين راكباً أسلموا وهاجروا فلحقوا بابي بصير وكرهوا أن يقدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هدنة المشركين وكرهوا الثواء بين ظهري قومهم فنزلوا مع أبي بصير في منزل كريه إلى قريش فقطعوا به مادتهم من طريق الشام وأبو بصير يصلي لأصحابه فلما قدم عليه أبو جندل كان هو يؤمهم واجتمع إلى أبي جندل ناس من غفار وأسلم وجهينة وطوائف من الناس حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون لا يمر بهم غير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها. وذكر مرور أبي العاص بن الربيع بهم وقصته. قلت وقد تقدم أن أبا العاص أخذ في سرية زيد بن حارثة إلى العيص قال وكتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أبي جندل وأبي بصير أن يقدما عليه ومن معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم فقدم كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بصير يموت فمات وكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في يده يقرأه فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجداً وقدم أبو جندل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معه ناس من أصحابه ورجع سائرهم إلى أهليهم. وقال أبو جندل فيما حكاه الزبير: أبلغ قريشاً عن أبي جندل أنا بذي المروة فالساحل في معشر تخفق أيمانهم بالبيض فيها والقنا الذابل يأبون أن نبقى لهم رفقةً من بعد إسلامهم الواصل أو يجعل الله لهم مخرجاً والحق لا يغلب الباطل فيسلم المرء بإسلامه أو يقتل المرء ولم يأتل وأبو بصير سماه ابن إسحاق عتبة ومن الناس من يسميه عبيداً وهو ابن أسيد ابن جارية بن أسيد بن عبد الله بن سلمة بن عبد الله بن غبرة بن عوف بن قسي وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن حليف بني زهرة.
قال ابن إسحاق وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد رجوعه من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم وخرج في بقية منه غازياً إلى خيبر ولم يبق من السنة السادسة من الهجرة إلا شهر وأيام. واستخلف على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي فيما قاله ابن هشام. وقال موسى بن عقبة لما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة منصرفه من الحديبية مكث عشرين يوماً أو قريباً منها ثم خرج غازياً إلى خيبر وكان الله وعده إياها وهو بالحديبية. قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي عن أبي الهيثم بن نصر الأسلمي أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع وكان اسم ابن الأكوع سناناً " انزل يا بن الأكوع فخذ لنا من هناتك " قال فنزل يرتجز: والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا إنا إذا قوم بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا فأنزلنا سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " يرحمك ربك " فقال عمر بن الخطاب وجبت والله يا رسول الله لو أمتعتنا به فقتل يوم خيبر شهيداً وكان قتله فيما بلغني أن سيفه رجع عليه وهو يقاتل فكلمه كلماً شديداً فمات منه فكان المسلمون قد شكوا فيه وقالوا ما قتله إلا سلاحه حتى سأل ابن أخيه سلمة بن عمرو بن الأكوع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك وأخبره بقول الناس فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " إنه لشهيد " وصلى عليه وصلى عليه المسلمون. وحدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي عن أبيه عن أبي معتب بن عمرو أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما أشرف على خيبر قال لأصحابه وأنا فيهم " قفوا " ثم قال " اللهم رب السموات وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما أذرين فإنا نسألك من خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها اقدموا بسم الله " قال وكان يقولها لكل قرية دخلها. وحدثني من لا أتهم عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا غزا قوماً لم يغر عليهم حتى يصبح فإن سمع أذاناً أمسك وإن لم يسمع أذاناً أغار فنزلنا خيبر ليلاً فبات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى إذا أصبح لم يسمع أذاناً فركب وركبنا معه وركبت خلف أبي طلحة وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستقبلنا عمال خيبر غادين وقد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والجيش قالوا محمد الخميس معه فأدبروا هراباً فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " الله أكبرت خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ". حدثنا هارون عن حميد عن أنس بمثله وروينا عن أبي علي بنا لصواف بالسند المتقدم إليه فثنا الحسين بن علي بن مصعب فثنا هشام بن حسان عن محمد بن أبي السري فثنا عبد الرزاق قال أنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس ابن مالك عن أبي طلحة قال لما أشرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على خيبر وجد اليهود وهم في عملهم معهم مساحيهم فقالوا محمد والخميس فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " خربت خيبر إنا إذ نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ". رجع إلى الأول: وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر فبنى له فيها مسجد ثم على الصهباء ثم أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجيشه إلى خيبر حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان وليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبلغني أن غطفان لما سمعت بمنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من خيبر جمعوا ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه حتى إذا ساروا منقلةً سمعوا خلفهم في أموالهم وأهليهم حساً ظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم فرجعوا على أعقابهم فأقاموا في أهليهم وأموالهم وخلوا بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين خيبر وتدني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأموال يأخذها مالاً مالاً ويفتحها حصناً حصناً فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة برحى ألقيت عليه منه. أخبرنا أبو الفتح بن المجاور الشيباني بقراءتي عليه بالشام قال أنا أبو اليمن الكندي قراءة عليه وأنا أسمع قال أنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال أبو طالب محمد بن علي بن الفتح قال أنا أبو الحسين محمد بن أحمد الواعظ فثنا أبو بكر محمد بن جعفر المطيري فثنا حماد بن الحسن فثنا أبي عن هشيم عن العوام بن حوشب عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي عمر قال جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال إن اليهود قتلوا أخي فقال لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فيفتح الله عز وجل عليه فيمكنه الله من قاتل أخيك فبعث إلى علي عليه السلام فعقد له اللواء فقال يا رسول الله إني أرمد كما ترى قال وكان يومئذ أرمد فتف في عينيه قال علي عليه السلام فما رمدت بعد يومئذ قال العوام فحدثني جبلة بن سحيم أو حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر قال فمضى بذلك الوجه فما تتامّ آخرنا حتى فتح الله على أولياء الله فأخذ علي عليه السلام قاتل الأنصاري فدفعه إلى أخيه فقتله. الرجل الأنصاري هو محمد بن مسلمة. وروينا في المعجم الصغير لأبي القاسم الطبراني فثنا محمد بن الفضل ابن جابر السقطي ببغداد فثنا فضيل بن عبد الوهاب فثنا جعفر بن سليمان عن الخليل ابن مرة عن عمرو بن دينار عن جابر بن بن عبد الله قال لما كان يوم خيبر بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلاً فجبن فجاء محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله لم أر كاليوم قط قتل محمود بن مسلمة فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " لا تمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإنكم لا تدرون ما تبتلون به منهم فإذا لقيتموهم فقولوا اللهم أنت ربنا وربهم ونواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تقتلهم أنت ثم الزموا الأرض جلوساً فإذا غشوكم فانهضوا وكبروا " ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " لأبعثن غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبانه لا يولي الدبر فلما كان من الغد بعث علياً وهو أرمد شديد الرمد فقال سر فقال يا رسول الله ما أبصر موضع قدمي فتفل في عينيه وعقد له اللواء ودفع إليه الراية فقال على ما أقاتلهم يا رسول الله قال " على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى ". رجع إلى الأول: ثم الغموص حصن بني أبي الحقيق وأصاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منهم سبايا منهن صفية بنت حيي بن أخطب وكانت عند كنانة ابن الربيع بن أبي الحقيق وبنتا عم لها فاصطفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صفية لنفسه وجعلها عند أم سليم حتى اعتدت وأسلمت ثم أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها. واختلف الفقهاء في هذه المسألة فمنهم من جعل ذلك خصوصاً له عليه السلام كما خص بالموهوبة وبالتسع ومنهم من جعل ذلك سنة لمن شاء من أمته وكان دحية بن خليفة الكلبي قد سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صفية فلما اصطفاها لنفسه وأعطاه ابنتي عمها وقيل كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهبها له ثم ابتاعها منه بسبعة أرؤس وفشت السبايا من خيبر في المسلمين وأكل المسلمون لحوم الحمر ونهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الناس عن إتيان الحبالى من النساء وأكل الحمار الأهلي وأكل كل ذي ناب من السباع وبيع المغانم حتى تقسم وأن لا يصيب أحد امرأة من السبي حتى يستبرئها ولا يركب دابة في فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ولا يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه وأن يبيع أو يبتاع تبر الذهب بالذهب العين وتبر الفضة بالورق العين وقال " ابتاعوا تبر الذهب بالورق وتبر الفضة بالذهب العين ". وفيه نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أكل الثوم وعن متعة النساء ورخص في لحوم الخيل وقسم للفارس سهماً وللفرس سهمين فسره نافع فقال إذا كان مع الفارس فرس فله ثلاثة أسهم وإن لم يكن فله سهم.قال ابن إسحاق ثم جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتدنى الحصون والأموال فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدثه بعض أسلم أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا يا رسول الله والله لقد جهدنا وما بأيدينا من شيء فلم يجدوا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئاً يعطيهم إياه فقال " اللهم إنك قد عرفت حالهم وأن ليست بهم قوة وأن ليس بيدي ما أعطيهم إياه فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناءً وأكثرها طعاماً وودكاً منه " فغدا الناس ففتح الله عليهم حصن الصعب بن معاذ وما بخيبر حصن كان أكثر طعاماً وودكاً منه فلما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حصونهم ما افتتح وحاز من الأموال ما حاز انتهوا إلى حصنيهم الوطيح والسلالم وكانا آخر حصون أهل خيبر افتتاحاً فحاصرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بضع عشرة ليلة. قال ابن هشام وكان شعار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم خيبر أمت أمت. قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل أخو بني حارثة عن جابر بن عبد الله قال فخرج مرحب اليهودي من حصنهم قد جمع سلاحه يرتجز وهو يقول: قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطلٌ مجرب في أبيات وهو يقول من يبارز فأجابه كعب بن مالك: قد علمت خيبر أني كعب مفرج الغما جريء صلب في أبيات فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " من لهذا " فقال محمد بن مسلمة أنا له يا رسول الله أنا والله الموتور الثائر قتل أخي بالأمس قال " فقم إليه اللهم أعنه عليه " قال وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر وهو يقول من يبارك فزعم هشام بن عروة أن الزبير بن العوام خرج إلى ياسر فقالت له أمه صفية بنت عبد المطلب يقتل ابني يا رسول الله قال " بل ابنك يقتله إن شاء الله " فخرج الزبير فالتقيا فقلته الزبير. هذه رواية ابن إسحاق في قتل مرحب وروينا في الصحيح من حديث سلمة بن الأكوع أن علي بن أبي طالب قتله وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر برايته إلى بعض حصون خيبر فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد ثم بعث للغد عمر بن الخطاب فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد فقال عليه السلام " لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار " فدعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال " خذ هذه الراية فامض بها يفتح الله عليك " فخرج بها يهروك حتى ركزها في رضم من حجارة تحت الحصن فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال من أنت فقال علي بن أبي طالب فقال يقول اليهودي غلوتم وما أنزل الله على موسى أو كما قال فما رجع حتى فتح الله عليه. قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن حسن عن بعض أهله عن أبي رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم برايته فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطرح ترسه حتى يده فتناول على باباً كان عند الحصن فترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد خيبر في حصنهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ففعل وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد حاز الأموال كلها الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعاملهم في الأموال على النصف وقالوا نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على النصف " على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم ". وقد اختلف الناس في فتحها كيف كان فروينا من طريق أبي داود قال حدثنا داود بن معاذ فثنا عبد الوارث وثنا يعقوب بن إبراهيم وزياد بن أيوب أن إسماعيل ابن إبراهيم حدثهم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غزا خيبر فأصابها عنوة فجمع السبي. وروينا عن ابن إسحاق قال سألت ابن شهاب فأخبرني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم افتتح خيبر عنوة بعد القتال.وروينا من طريق السجستاني فثنا ابن السرح فثنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب قال بلغني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم افتتح خيبر عنوة بعد القتال ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال. قال أبو عمر هذا هو الصحيح في أرض خيبر أنها كانت عنوة كلها مغلوباً عليها بخلاف فدك فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قسم جميع أرضها على الغانمين لها المجوفين عليها بالخيل والركاب وهم أهل الحديبية. ولم تختلف العلماء أن أرض خيبر مقسومة وإنما اختلفوا هل تقسم الأرض إذا غنمت البلاد أو توقف فقال الكوفيون الإمام مخير بين قسمتها كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأرض خيبر وبين إيقافها كما فعل عمر بسواد العراق وقال الشافعي تقسم الأرض كلها كما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خيبر لأن الأرض غنيمة كسائر أموال الكفار. وذهب مالك إلى إيقافها اتباعاً لعمر لأن الأرض مخصوصة من سائر الغنيمة بما فعل عمر في جماعة من الصحابة في إيقافها لمن يأتي بعده من المسلمين. وروى مالك عن زيد ابن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول لولا أن يترك آخر الناس لا شيء لهم ما افتتح المسلمون قرية إلا قسمتها سهماناً كما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير سهماناً. وهذا يدل على أن أرض خيبر قسمت كلها سهماناً كما قال ابن إسحاق وأما من قال إن خيبر كان بعضها صلحاً وبعضها عنوة فقد وهم وغلط وإنما دخلت عليها الشبهة بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما في حقن دمائهم فلما لم يكن أهل ذينك الحصنين من الرجال والنساء والذرية مغنومين ظن أن ذلك صلح ولعمري إنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح ولكنهم لم يتركوا أرضهم إلا بالحصار والقتال فكان حكم أرضهما كحكم سائر أرض خيبر كلها عنوة غنيمة مقسومة بين أهلها. وربما شبه على من قال إن نصف خيبر صلح نصفها عنوة بحديث يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قسم خيبر نصفين نصفاً له ونصفاً للمسلمين. قال أبو عمر وهذا لو صح لكان معناه أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه لأنها قسمت على ستة وثلاثين سهماً فوقع سهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وطائفة معه في ثمانية عشر سهماً ووقع سائر الناس في باقيها وكلهم ممن شهد الحديبية ثم خيبر. وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحاً ولو كانت صلحاً لملكها أهلها كما يملك أهل الصلح أرضهم وسائر أموالهم فالحق في هذا ما قاله ابن إسحاق دون ما قاله موسى بن عقبة وغيره عن ابن شهاب انتهى ما ذكره أبو عمر. فأما قوله قسم جميع أرضها فإن الحصنين المفتتحين أخيراً وهما الوطيح والسلالم لم يجر لهما ذكر في القسمة وسيأتي بيان ذلك عند ذكر القسمة. وأما تأويله لحديث بشير بن يسار فقد كان ذلك التفسير ممكناً لو كان في الحديث إجمال يقبل التفسير بذلك ولكنه ليس كذلك وسيأتي في الكلام على القسمة. وأما قوله كلهم ممن شهد الحديبية ثم شهد خيبر فالمعروف أن غنائم خيبر كانت لأهل الحديبية من حضر الوقعة بخيبر ومن لم يحضرها وهو جابر ابن عبد الله الأنصاري. ذكره ابن إسحاق وذلك لأن الله أعطاهم ذلك في سفرة الحديبية. وعن الحكم عن أبي ليلى في قوله تعالى " وذهب آخرون إلى أن بعضها فتح صلحاً والبعض عنوة كما ذكرناه عن موسى بن عقبة. وكما رويناه عن مالك عن الزهري من طريق أبي داود قال قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد أخبركم ابن وهب قال حدثني مالك عن ابن شهاب أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحاً والكتيبة أكثرها عنوة وفيها صلح قلت لمالك ومال الكتيبة قال أرض خيبر وهي أربعون ألف عذق وروينا عن سعيد بن المسيب أيضاً قال أبو داود فثنا محمد بن يحيى بن فارس فثنا عبد الله بن محمد عن جورية عن مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب أخبره أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم افتتح بعض خيبر عنوة. وروينا عن أبي داود قال حدثنا حسين بن علي العجلي فثنا يحيى يعني ابن آدم فثنا ابن أبي زايدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا فسألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك الحديث.قلت وقد يعضد هذا القول ما يأتي في أخبار القسمة. وقد روينا من طريق أبي داود قال حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء فثنا أبي فثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر قال أحسبه عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والأرض وألجأهم إلى قصرهم فصالحوه على أن لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصفراء والبيضاء والحلقة ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئاً فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكاً لحيي بن أخطب في حليهم. وفي الخبر قال قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لسعية " أين مسك حيي بن أخطب " قال أذهبته الحروب والنفقات فوجدوا المسك فقتل ابن أبي الحقيق وسبي نساءهم وذراريهم وأراد أن يجليهم فقالوا دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدا لك ولكم الشطر. وزاد أبو بكر البلاذري في هذا الخبر قال فدفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سعية بن عمرو إلى الزبير فمسه بعذاب فقال رأيت حيياً يطوف في حربة ههنا فذهبوا إلى الخربة ففتشوها فوجدوا المسك. فقتل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابني أبي الحقيق فأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب وسبي نساءهم وذراريهم وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا ففي هذا أنها فتحت صلحاً وأن الصلح انتقض فصارت عنوة ثم خمساً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقسمها.قال ابن إسحاق وكان المتولي للقسم بخيبر جبار بن صخر الأنصاري من بني سلمة وزيد بن ثابت من بني النجار كانا حاسبين قاسمين. قال ابن سعد وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالغنائم فجمعت واستعمل عليها فروة بن عمرو البياضي ثم أمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء وكتب في سهم منها لله وسائر السهمان أغفال وكان أول ما خرج سهم النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يتخير في الخماس فأمر ببيع الأربعة الأخماس فيمن يزيد فباعها فروة وقسم ذلك بين أصحابه وكان الذي ولي إحصاء الناس زيد بن ثابت فأحصاهم ألفاً وأربعمائة والخيل مائتين فرس وكانت السهمان على ثمانية عشر سهماً لكل مائة سهم وللخيل أربعمائة سهم وكان الخمس الذي صار لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعطي منه على ما أراه الله من السلاح والكسوة وأعطى منه أهل بيته ورجالاً من بني عبد المطلب ونساءً واليتيم والسائل وأطعم من الكتيبة نساءه وبني عبد المطلب وغيرهم.ثم ذكر قدوم الدوسيين والأشعريين وأصحاب السفينتين وأخذهم من غنائم خيبر ولم يبين كيف أخذوا. وإذا كانت القسم على ألف وثمانمائة سهم وأهل الحديبية ألفاً وأربعمائة والخيل مائتي فرس بأربعمائة سهم فما الذي أخذه هؤلاء المذكورون. وقال ابن إسحاق وكانت المقاسم على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة فكانت الشق ونطاة في سهمان المسلمين وكانت الكتيبة خمس الله ثم قال وكانت نطاة والشق ثمانية عشر سهماً نطاة من ذلك خمسة أسهم والشق ثلاثة عشر سهماً وقسمت الشق ونطاة على ألف وثمانمائة سهم وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر ألفاً وثمانمائة رجالهم وخيلهم الرجال أربع عشرة مائة والخيل مائتان لكل فرس سهمان. وهذا أشبه مما تقدم فإن هذه المواضع الثلاثة مفتوحة بالسيف عنوة من غير صلح. وأما الوطيح والسلالم فقد يكون ذلك هو الذي اصطفاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما ينوب للمسلمين ويترجح حينئذ قول موسى بن عقبة ومن قال بقوله أن بعض خيبر كانت صلحاً ويكون أخذ الأشعريين ومن ذكر معهم من ذلك ويكون مشاورة النبي صلّى الله عليه وسلّم أهل الحديبية في إعطائهم ليست استنزالاً لهم عن شيء من حقهم وإنما هي المشورة العامة " وإن كان المراد أصحاب السفينتين ومن أخذ معهم من الدوسيين والأشعريين فقد يحتمل. وأما قول أبي عمر قسم جميع أرضها بين الغانمين فقد حكينا عن ابن إسحاق ما قسم منها وقد روينا عن أبي داود فثنا هشام بن عمار قال فثنا حتم بن إسماعيل قال وثنا سليمان بن داود المهري فثنا ابن وهب قال أخبرني عبد العزيز بن محمد وثنا نصر بن علي قال أنا صفوان بن عيسى وهذا لفظ حديثه كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال كان فيما احتج به عمر رضي الله عنه أنه قال كانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث صفايا بنو النضير وخيبر وفدك. فأما بنو النضير فكانت حبساً لنوائبه وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل وأما خيبر فجزأها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة أجزاء جزءين بين المسلمين وجزءاً نفقة لأهله وما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين. وأما حديث بشير بن يسار فبشير بن يسار تابعي ثقة يروي عن أنس بن مالك وغيره يروي عنه هذا الخبر يحيى بن سعيد ويختلف عليه فيه فبعض أصحاب يحيى يقول فيه عن بشير عن سهل بن أبي حثمة وبعضهم يقول إنه سمع نفراً من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم وبعضهم يقول عن رجال من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم ومنهم من يرسله. وروينا من طريق أبي داود فثنا حسين بن علي الأسود أن يحيى بن آدم حدثهم عن أبي شهاب عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أنه سمع نفراً من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم قالوا فذكر الحديث قال فكان النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعزل النصف للمسلمين ما ينوبه من الأمور والنوائب. ورواية محمد ابن فضيل عن يحيى عنه عن رجال من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً جمع كل سهم مائة سهم فكان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وللمسلمين النصف من ذلك وعزل النصف الباقي لمن ينزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس. فهذه الرواية والتي قبلها مصرحة بأن النصف للنبي صلّى الله عليه وسلّم للمسلمين المقسوم عليهم والنصف الباقي هو المؤخر لنوائب المسلمين وأصرح منهما رواية سليمان بن بلال عن يحيى عن بشير المرسلة أنه عليه السلام قسمها ستة وثلاثين سهماً فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهماً ويجمع كل سهم مائة سهم النبي صلّى الله عليه وسلّم معهم له سهم كسهم أحدهم وعزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمانية عشر سهماً وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمور المسلمين فكان ذلك الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها الحديث. فقد تضمن هذا أن المدخر للنوائب الذي لم يقسم بين الغانمين هو الوطيح والسلالم الذي لم يجر لهما في العنوة ذكر صريح والكتيبة هي التي كان بعضها صلحاً وبعضها عنوة وقد يكون غلب حكم الصلح فلذلك لم يقسم فيما قسم. فلم يبق لتأويل أبي عمر رحمه الله وجه ونص الخبر يعارضه والله أعلم. ودفعها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأهلها بشطر ما يخرج منها فلم تزل كذلك إلى أثناء خلافة عمر. قرأت على غازي بن أبي الفضل أخبركم حنبل بن عبد الله قال أنا ابن الحصين قال أنا ابن المذهب قال أنا ابن القطيعي قال أنا عبد الله بن أحمد فثنا أبي فثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أو زرع.وقتل من اليهود ثلاثة وتسعون رجلاً واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلاً فيما ذكر ابن سعد وزاد غيره عليه وسيأتي ذكرهم ومنهم الأسود الراعي وكان من خبره أنه أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم كان فيها أجير الرجل من يهود فقال يا رسول الله اعرض علي الإسلام فعرضه عليه فأسلم وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يحقر أحداً أن يدعوه إلى الإسلام ويعرضه عليه فلما أسلم قال يا رسول الله إني كنت أجيراً لصاحب هذا الغنم وهي أمانة عندي فكيف أصنع بها قال " اضرب في وجهها فإنها سترجع إلى ربها " أو كما قال فقام الأسود فأخذ حفنة من الحصباء فرمى بها في وجوهها وقال ارجعي إلى صاحبك فوالله لا أصحبك وخرجت مجتمعة كأن سائقاً يسوقها حتى دخلت الحصن ثم تقدم إلى ذلك الحصن فقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله فأتى به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوضع خلفه وسجى بشملة وكانت عليه فالتفت إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه نفر من أصحابه ثم أعرض عنه فقالوا يا رسول الله لم أعرضت عنه قال " إن معه الآن زوجتيه من الحور العين ينفضان التراب عن وجهه ويقولان ترب الله وجه من ترب وجهك وقتل من قتلك ". وروينا من طريق البخاري فثنا المكي بن إبراهيم فثنا يزيد بن أبي عبيد قال رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت يا أبا مسلم ما هذه الضربة قال هذه ضربة أصابتني يوم خيبر فقال الناس أصيب سلمة فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة.
|